موسوعة كامله لسيرة فيروز ( جارة القمر)

هي فيروز..جارة القمر..
لااعلم عندما سماها ميشيل عواد بهذا الأسم وهو يقول لها(أن صوتك يذكرني بجمال الحجر الثمين الفيروز)
هل ادرك حينها ان جمال صوت فيروز سيفوق جمال تلك الحجره الثمينه..
واننا سنعكس المعادله التى اطلقها يوماً ما...وسنقول ان جمال الحجر الثمين يذكرنا بجمال صوت فيروز..
ذلك الصوت الملائكي العذب..اللامعقول..
صوت سيدة الصباح الجميل..فجمال الصباح لايكتمل الا بصوتها..
الذي يضفي ليومنا طعماً رائعاً...عندما نبدءه بفنجال نسكافيه الصباح على الانغام الفيروزيه..
ذلك الصوت الذي يطرب اسماعنا..ويشغل حواسنا...
فيروز ومن لايعرفها؟؟
في منطقة جبل الأرز وفي الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني من عام 1935 كان ذاك يوم ميلادها...
يوماً دون في تاريخنا...وسجل في مذكرات الموسيقى العالميه..
وقبل ذلك هو محفوراً بقلوبنا..
اتفقا والديها وديع حداد وليزا البستاني على تسميتها نهاد...
كبرت تلك الطفله الصغيره...وكبرت معها موهبتها..
فكانت دوماً تغني .في المطبخ ..في خلوتها...عند اهلها ..فكأنما القدر كان يخبرها بعظم ماتمتلكه..
كبرت وازدات آمآلها...حتى بدءت رحلتها الحقيقه وكانت ذلك في الأربعينات من القرن العشرين عندما كان الأخوين فليفل يحضران برنامج غنائي للأذاعه اللبنانيه..فوقع صوت فيروز على مسامعهم لحناً فريدا..لاشرقياً ولاغربياً...موسيقا خاصه..
فلم يترددوا بإقناع والدها الذي وافق بعد ان كان رافضاً..
ومن هناك بدءت فيروز رحلتها...وشدت رحالها وحبت الخطوات الاولى نحو القمه..حتى ان وديع صبرا ملحن النشيد الوطني اللبناني ورئيس الوكنسرفاتورا حينما سمعها تغني وافق على تدريسها بالمعهد دون ان تدفع رسوماً..
ثم سريعاً اصبحت ضمن كورال الأذاعه اللبنانيه ...
لم تلبث كثيراً ..ففيروز حاله استثنائيه بصوتها الملائكي..وليست مثل قريناتها...فما ان سمعها الملحن حليم الرومي حتى اختارها لتغني بمفردها..
ومن ثم قدمها للأخوين رحباني (عاصي ومنصور) عالم 1951...
فلحنا لها على الفور لتنطلق من هنا بداية الاسطوره الرحبانيه –الفيروزيه..قدما من خلالها لون جديد من الاغاني من تأليفهم وتلحينهم...
ولم تمضي ثلاث سنوات حتى نشئت قصة حب توجت بزواج جارة القمر فيروز بالملحن العبقري عاصي الرحباني..
لترزق بأول ابنائها زياد عام 1951 فهذا العام لم يكن اعتيادياً...
فقد كان مفرحاً مبهجاً لفيروز ففي نفس العام ايضا بدءت اطلالتها السحريه مع الرحابنه بمهرجان بعلبك..
وازدادت شهرتهم ..وكبرت اسطورتهم فكانت حفلاتها بجميع انحاء العالم..
من قاعة البرت هول في لندن الى الأولمبيا في باريس الى امام اهرمات الجيزه بمصر..
حصلت خلالها على الكثير من الجوائز والأوسمه ....بدءً من عام 1962 حين نالت في لبنان وسام الأرز من رتبة فارس ثم وسام الأستحقاق السوري لتنال بعدها وسام النهضه الأردني من الدرجه الاولى..
بل تعدى الأمر ذلك حتى وصلت عالمياً لتقلد بوسام الفخر الفرنسي من رتبة قائد عام 1985 ...ويكفي انها تسلمت مفتاح مدينة القدس وجائزتها عام 1997 ..والعديد من الاوسمه والمكرمات التى كانت شرفاً لتلك الوسمه اولاً واخيراً..
ففيروز هي من تشرف الجائزه....وترفع من قدرها...
فيروز الحب...الصوت الذي يولد بداخلنا احاسيس غريبه جميله عجيبه....لانعرف مصدرها..
الصوت الذي يحملنا معه...صوت الحياه...الطبيعه..الماء..
صوت الوطن....ومن ذا كإنتمائها ووفائها لوطنها...
ويكفينا من ذاك صمودها ابان حرب لبنان حيث لم ترض بالنزوح من ديارها...
حتى حينما فقدت ابنتها ليال بقصف... ولم تسمع كلام من حولها بالذهاب لمكان آمن..
رفضت ..ضاربه بذلك اعلى درجات الانتماء..
حتى انتهت الحرب وعادت لنا فيروز تصدح بكل الارجاء...عادت تبث الحب والجمال وترسلها لنا مع ذرات الهواء التى نتنفسها...
عادت بصوتها الذي يصنع جواً من الاحاسيس...
عادت وعادت معها نكهة الصباح بصبغة فيروز..حتى خّيل لي انها اصبحت جزاً من صباحنا...
من وقتنا...صوتاً ساحر..يعلق بدواخلنا..فيسكننا..ونحبه...ويصبح جزءً منا..
يلامس اعماق قلوبنا...فينثر آهاتنا...
حتى انني دوماً اتسآل هل فيروز من كوكبنا؟؟..
ذلك الصوت الطفولي الذي لايكبر....وانما يكبر بذاكرتنا ...فيزيدنا حنيناً له بكل ثانيه تمر...صوتها لايلامس اسماعنا..
لن اطيل أكثر...لانني لن انتهي...
وانا لم اكلف بأكثر من مقدمه..ولكنني وجدت نفسي انهل من بحراً بداخلي...
ومصدره صوت فيروز....نعم انها فيروز التى تجبرك على التحدث طويلاً

ولدت فيروز باسم نهاد حداد, كأول مولود لوديع حداد وليزا البستاني, في الحادي والعشرين من نوفمبر لعام 1935. كانت عائلة حداد تعيش في بيت متواضع مؤلف من غرفة واحدة في زقاق البلاط , الحي القديم المجاور لبيروت, حيث عاش الفقراء من جميع الطوائف.

وفّر الأب بعضاً من دخله الضئيل من أجل تعليم أولاده. لذلك حظيت نهاد بفرصة الالتحاق بالمدرسة, وهناك استطاع صوتها أن يجذب الانتباه فوراً, بوصفه يتمتع بنوعية فريدة, حيث كان يمكنها تحويل الأناشيد العادية الوطنية إلى شيء مدهش بجماله. كانت تلميذة نجيبة, مع أنها كانت تكره الحساب كثيراً, لم تكن لتستوعب مفهوم جمع وطرح الأعداد, ناهيك عن ضربها, ويقال أنها لم تكن قادرة على حفظ جدول الضرب غيباً, حتى يومنا هذا.

في حفلة المدرسة عام 1946, سمعها أستاذ في المعهد الموسيقي اللبناني, محمد فليفل (أحد الأخوين فليفل اللذين لحنا النشيد الوطني السوري), كان يبحث عن مواهب جديدة في ذلك الوقت في مدارس الأولاد لغناء الأناشيد الوطنية في الإذاعة اللبنانية المؤسسة حديثاً. لكن والد نهاد ,الذي ينتمي إلى بيئة محافظة, كان مستاءً من فكرة أن ابنته ستغني للعامة. لذلك رفض منح موافقته لفليفل في البداية, لكن هذا الأخير نجح في النهاية في إقناع السيد حداد بأن طمأنه أن نهاد سوف تشارك فقط في غناء الأغاني الوطنية وأنه, أي فليفل, سوف يتحمل نفقات تعليمها في المعهد الموسيقي. بعد الموافقة, طلب والد نهاد أن يرافقها أخوها جوزيف.

كان يرأس المعهد الموسيقي في ذلك الوقت وديع صبرا, ملحن النشيد الوطني اللبناني, والذي بدوره رفض تقاضي أي مبلغ من نهاد ومن بقية الطلاب المشار إليهم من قبل فليفل. فليفل الذي اعتنى بصوتها عناية أبوية, لإيمانه بذلك الصوت الذهبي المخبأ في حنايا حنجرة المغنية الصغيرة, فقد أوعز إليها بعدم تناول الطعام المبهّر, الحمضيات, أو أي شيء آخر يمكن أن يؤذي حبالها الصوتية. كما حذرها من غناء الطبقات العالية أو المقاطع التي تتطلب جهداً شديداً. بعد ذلك أكمل معروفه بأن ساعدها لأن تدخل المعهد الموسيقي الوطني. ربما كان أبرز ما ساهم به فليفل هو تعليم نهاد علم التجويد في القرآن الكريم, الذي يعتبر الأسلوب الأكثر رفعةً في تلاوة الآيات في الموروث العربي.

استمرت دراستها في المعهد الموسيقي مدة أربع سنوات. بعدئذ, ساعدها فليفل في المثول أمام لجنة مؤلفة من: حليم الرومي, خالد أبو النصر, نقولا المني وآخرين ممن عينوا لفحص الأصوات لصالح الإذاعة اللبنانية. لقد كان يوماً مصيرياً في حياة نهاد, وقفت هناك وبمصاحبة عود حليم الرومي, غنت "يا ديرتي" لأسمهان. ذهل حليم الرومي بصوتها لدرجة أنه توقف عن العزف في منتصف الأغنية. استمرت نهاد فغنت مطلع "يا زهرة في خيالي" لفريد الأطرش, ثم ما لبثت أن أحيطت بأعضاء اللجنة الذين هنؤوها بحرارة وأظهروا تقديرهم لصوتها الفريد.

الرومي, بشكل خاص, كان شديد الإعجاب بصوتها حيث وجد أنه شرقي أصيل وبنفس الوقت مرن كفاية لأن يحمّل النمط الغربي بشكل مثير للإعجاب. اختيرت كمغنية في جوقة الإذاعة في بيروت بعد الحصول على موافقة والديها ومدير الإذاعة اللبنانية . في البداية عارض والدها فكرة ذهابها إلى الإذاعة. إذ تطلبت موافقته الكثير من الإقناع وبعض التدخل القاسي من قبل معارف مقربين, اشترط الأب أن ترافقها أمها أو أخوها جوزيف, أو ابن الجيران عند ذهابها إلى الإذاعة.

تقول فيروز" أمنيتي كانت أن أغني في الإذاعة,أخبروني أنني سوف أتقاضى مبلغ 100 ليرة (21 دولار) في الشهر. كانت فرحتي لا توصف, لكن في نهاية الشهر لم أكن محظوظة كفاية لأن أشبع عيني برؤية الورقة من فئة المئة ليرة, بسبب خصم الضريبة (كانت تقبض 95 ليرة فقط بعد اقتطاع الضريبة). استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تمكنت من الحصول على ورقة كاملة من فئة المئة ليرة". راتبها الأول أنفق في شراء حاجيات لها ولأشقائها, الذين أرادت أن تدللهم ولو قليلاً, وأن تعوض عليهم الحرمان المادي الذي عاشوه طوال حياتهم.



أولى أغانيها الخاصة كانت من ألحان حليم الرومي وكلمات ميشيل عوض, بعنوان: تركت قلبي وطاوعت حبك. عند التحضير لبث الأغنية على الهواء, اقترح حليم الرومي أن تحمل نهاد أحد اسمين كان قد اختارهما لها: شهرزاد أو فيروز. في البداية لم تأخذ الأمر على محمل الجد, لكن أخيراً عملت بنصيحته واختارت اسم: فيروز. بثت الأغنية في الأول من أبريل لعام 1950.

الأغنية الثانية: في جو سحر وجمال كانت باللهجة المصرية, الثالثة: عاشق الورد غنتها مع حليم الرومي كثنائي. تلا ذلك أغنيتي: يا حمام و أحبك مهما أشوف منك, اللتين سوقتا تجارياً في العام 1952.

ثم تبع ذلك العديد من الأغاني القصيرة الخفيفة ذات الأهواء المختلفة, خاصة تلك التي اختيرت من قبل حليم الرومي في محاولة منه لتجنب حصر فيروز في نمط غنائي واحد. في العام 1951, كانت قد غنت أغانٍ من ألحان الرومي, مدحت عاصم, نقولا المني, سليم الحلو , محمد محسن, توفيق الباشا, خالد أبو النصر وآخرين.

كان حليم الرومي متحمساً جداً للموهبة التي اكتشفها لكنه كان كثير الانشغال لأن يعطيها ما تستحق, لذلك اقترح أن يقدم فيروز لعاصي الرحباني, الشرطي, عازف الكمان في الإذاعة والملحن الطموح. رأيها المبدئي كان أنها لا تود التكلم مع عاصي, إذ أنها لم تكن تتوقع الكثير من هذا اللقاء, لكنه نجح في أن يغير رأيها. عاصي من جهته كان رأيه الأولي أن صوت فيروز مناسب لغناء الأغاني الشرقية فقط, وليس مناسباً للأغاني العصرية, والتي كان مهتماً بها. احتج الرومي بقوله أن صوت فيروز غير محدود الإمكانيات , فهو قادر على أداء الأغاني الحديثة كما الأغاني الفلكلورية, وهذا ما سوف تثبته الأيام المقبلة, وسيشهد المستقبل على أنه أكثر صوت في العالم قادر على غناء الموسيقى العصرية. ولقد تحققت نبوءته.

كانت أول أغنية غنتها لعاصي, لما ولمياء, ثنائية غنائية بالاشتراك مع مغنية تدعى حنان. أما أول أغنية خاصة لحنها عاصي لفيروز فكانت غروب من شعر قبلان مكرزل, تلتها ماروشكا, ثم جاءت أغنية عتاب التي صنعت بين ليلة وضحاها من فيروز مطربة كبيرة في العالم العربي.

ثم تبع تلك المرحلة المبكرة, انضمام منصور الرحباني, الشقيق الأصغر لعاصي, إليهما ليشكلوا الثلاثي الرحباني, والذي استمر ليصنع تاريخاً.



في يناير من العام 1955 تزوجت فيروز من عاصي الرحباني . تجمعت في العرس حشود كبيرة من البيروتيين في مساء ذلك الأحد لمشاهدة هذه الاحتفالية , و ذهب العريس والعروس لقضاء شهر العسل في فندق مسابكي في شتورة.

مع أغانٍ مثل عتاب, بدأت فيروز والأخوين رحباني مرحلة الشهرة في كثير من البلدان حول العالم العربي وكانوا كثيراً ما يدعون إلى إذاعة دمشق لتقديم أعمالهم. محطة إذاعية أخرى, هي صوت العرب من القاهرة, أوفدت المعتمد الرئيسي لديها: أحمد سعيد, ليعقد اتفاقاً مع الثلاثي. في العام 1955 ذهب الأخوان رحباني وفيروز إلى القاهرة, وهناك كتبوا أهم عمل موسيقي على الإطلاق في ذلك الوقت: راجعون . كما غنت فيروز العديد من الأغاني الأخرى, منها ثنائيات بالاشتراك مع المطرب المصري كارم محمود.

عادت فيروز والرحابنة إلى بيروت بعد ستة أشهر, وفي أول يوم من سنة1956 أنجبت فيروز بكرها زياد. في صيف عام 1957, كان لها أول لقاء حي مع الجمهور, واقفة على قاعدة أحد الأعمدة الستة التي تشكل معبد جوبيتير في بعلبك. كان هذا الحشد الجماهيري الأكبر على الإطلاق الذي تجمع في المعبد الروماني, تحت قمر بهيئة هلال. أغرق المخرج فيروز بضوء أزرق من إتجاهات مختلفة حتى بدت وكأنها تحلق في الفضاء. وحين بدأت بالشدو بصوت واثق سكون: لبنان يا أخضر حلو, كانت تلك لحظة سحرية حقاً ووقع الناس مفتونين ,و من هنا بدأت فيروز طريقها للشهرة والمجد.

في حين أن موهبة فيروز في البداية وجدت تعبيراً من خلال أشعار و موسيقى الأخوين اللبنانيين, عاصي ومنصور رحباني فقط, إلا أن معظم الشعراء العرب المبدعين هرعوا الآن ليكتبوا أشعاراً لصوتها , قائمة الشعراء الذين كتبوا لها قصيدة أو أكثر بما مجموعه أكثر من 800 أغنية تضم: عمر أبو ريشة, قبلان مكرزل, نزار قباني, ميشيل طراد, سعيد عقل, بدوي الجبل, الأخطل الصغير, أبو سلمى, أسعد سابا, جوزيف حرب, طلال حيدر وشعراء آخرين معاصرين. غنت أيضاً أعمالاً لجبران خليل جبران, ميخائيل نعيمة, الياس أبو شبكة , وبولس سلامة, كما هو الحال بالنسبة لشعراء عرب من العصور القديمة مثل: ابن دريق البغدادي وابن جبير, كما اتسعت قائمة من لحنوا لفيروز لتضم: حليم الرومي, توفيق الباشا, خالد أبو النصر, جورج ضاهر, نجيب حنكش, فليمون وهبة, محمد عبد الوهاب,محمد محسن, الياس الرحباني, زكي ناصيف, وابنها زياد ....